ابن الاسلام
الجنسية : مصرى المساهمات : 71
| موضوع: المتكلمة بالقرآن الكريم الخميس أبريل 16, 2009 6:41 am | |
| المتكلمة بالقرآن الكريم قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فبينما أنا في الطريق إذا أنا بسواد ، فتميزت ذاك فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف , فقلت لها : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , فقالت : ( سلامٌ قولاً من ربٍ رحيم ) .
فقلت لها : يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان ؟! قالت : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) فعلمت أنها قضت حجها وهي تريد بيت المقدس ، فقلت لها : أنت منذ كم في هذا الموضع ؟! فقالت : ( ثلاث ليال سويا ) فقلت ما أرى معك طعاماً تأكلين ؟! فقالت : ( هو يطعمني ويسقين ) . فقلت : قد أبيح لنا الإفطار في السفر , قالت : ( وأن تصوموا خيراً لكم إن كنتم تعلمون ) فقلت : لم لا تكلميني مثل ما أكلمك ؟! قالت : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) فتعجبت من ردها وقلت : من أي الناس أنت ؟ قالت : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) . فقلت : قد أخطأت فاجعليني في حل , قالت : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) فقلت : فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة ؟ قالت : ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) قال : فانـحنت ناقتي فقالت : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) . فغضضت بصري عنها , ولما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها , قالت : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) فقلت لها : اصبري حتى أعقلها , فقالت : ( ففهمناها سليمان ) فعقلت الناقة وقلت لها : اركبي , قالت : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) . فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح فقالت : ( واقصد في مشيك واغضض من صوتك ) فجعلت أمشي رويداً رويداً وأترنم بالشعر , فقالت : ( فاقرؤوا ما تيسر من القرآن ) فقلت لها : لقد أوتيتم خيراً كثيراً فقالت : ( وما يذكر إلا ألو الألباب ) فلما مشيت قليلاً قلت لها ألك زوج ؟ قالت : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) . فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة فقلت لها : هذه القافلة فمن لك فيها ؟ فقالت : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) فعلمت أن لها أولاداً , فقلت : وما شأنهم في الحج ؟ فقالت : ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) , فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت لها القباب والعمارات . فقلت هذه القباب فمن لك فيها ؟ قالت : ( واتخذ الله إبراهيم خليلاً ) , ( وكلم الله موسى تكليماً ) , ( يا يـحى خذ الكتاب بقوة ) فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحي فإذا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا , فلما استقر بهم الجلوس قالت : ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه ) . فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه بين يدي فقالت : ( كلوا واشربوا هنيئـاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) فقلت : الآن طعامكم علي حرام حتى تخبرونـي بأمرها , فقالوا : هذه أمنا لها أربعـين سنة لا تتكلم إلا بالقـرآن مخافة أن تـزل فيسخط عليها الرحمـن , فسبحان القادر على ما يشاء , فقلـت : ( ذلك فضل الله يؤتـيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) .
إخوانـي وأخواتـي : اتقوا الله تعالى وامتثلوا لما أمركم به على لسان نبيه , من حفظ اللسان , وكف الأذى عن الجيران , وعدم الكلام إلا بما يرضي الرحمن , فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) متفق عليه
ولهذا قال الأحنف بن قيس رحمه الله : ( الصمت أمان من تحريف اللفظ , وعصمة من زيغ المنطق ، وسلامة من فضول القول , وهيبة لصاحبه ) .
فالكلمة الطيبة صدقة , ألا تتكلم إلا بخيـر وبما يعود بالنفع , ولهذا كان الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه التكلم , فإنه أكثر ما يندم إذا نطق ، وأقل ما يندم إذا سكت ، وأطول الناس شقاءاً وأعظمه بلاءاً من ابتلي بلسان مطلقٍ لا يسكت ولا يكِلّ ولا يتـعب . | |
|